edmilia.tk <body> </body> google-site-verification=Xz06IR0Fyb2MKO7FygwFviEwK6XKl7AUITzo_UlSHGQ الـــحــب الحب أجمل ما يوجد في هذه الحياة بدون الحب لا توجد حياة فالحب أسمى معاني الحياة وللحب أشكال كثيرة ومعاني أكثر لكن أروعه حب الأبوين حب الأم وحب الأب فلولا هذا الحب لما وجد الحب أصلا
   
  عصافير
  mds1
 

ليْ معَ الليبيينَ مِلحٌ، وخبزُ شعيرٍ، وكُسكُسي

مديح الصادق
madih_sadiq@yahoo.com

حين يُضطر المُهاجر أن يترك وطنا عزيزا غاليا، مثل العراق، تشرَّب في دمه كل شيء فيه؛ ماؤه، هواؤه، ناسه، بحلوه، ومُرِّه؛ فلابد أن يكون اختياره ذاك إما نفاذا بجلده من تعسف قد يودي به للهلاك، أو طلبا لرزق أقفلتْ أبوابه بأوجه النظاف الشرفاء، إذ لم يترك لهم فسحة تجار حرب، ومصاصو دماء الشعوب؛ أما بالنسبة لي فقد كان السببان، كلاهما، وراء بيعي ما تبقى من مخزون لمثل هذا اليوم، ولم يرافقني سوى حقيبة للملابس، وبعض المطبوعات التي غادرتني حزينة في قبضة ضابط حدود رويشد، الجلف الذي لم تنفع معه مبرراتي بأن بعضا منها هي جهدي الخاص، وقد أستعين بها في عالم مُقبل عليه مجهول لي، ولم ينجُ إلا الوثائق الشخصية إذ أخفاها سائق التكسي مقابل حزمة ادَّعى بأنه وزعها بين المفتشين، فنال مني - على مضض - شكرا جزيلا، وإن كان شريك الفاسدين

عَمَّان هي المحطة الأولى لمرور العراقيين، وهي مرتع للمندسين بينهم من رجال أمن ومخابرات، ومن معهم وظفوهم لنفس المهام، وجلُّهم من الساقطين والساقطات، فالأنفاس تُعدُّ عدَّا، وتُحسَب الخطوات، ومن الجانب الآخر، الأردني، فإن مفارز متابعة الوافدين تفتش كل الزوايا عن العراقيين، المطاعم، والمقاهي، المعامل، والساحات، فيقبضون عليهم، ويرمونهم من حيث جاؤوا، كي يواجهوا مصيرهم الذي توهَّموا أنهم دون رجعة فارقوه، وهو امتحان لقدرة المرء على الصمود، وقد يكون هلاكا مصيرُه المحتوم، فلا مقام لي فيها إذاً، ولابد من بحث عن ملاذ أمين

الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية الشعبية العظمى بحاجة إلى مدرسين، من كل المستويات العلمية، وكل التخصصات؛ هكذا كانت نصيحة صديقي الدكتور الفنان عباس، والعراقيون مُفضَّلون على باقي المغتربين؛ تقديرا لما يمر به شعب العراق من معاناة في ظل حصار جائر لم يكن ضحيته سوى البسطاء والمثقفين، وثلاث ليال بشموسها، عبر العقبة، وآلاف الأميال من طرق صحراوية يقبض على أنفاسنا بوليس مصر - السيء الصيت - الذين صادروا منا الجوازات ولم يفرجوا عنها إلا بعشرة تذبح الطير عند الحدود مع الليبيين

صحراء لا حدود لها، بلا حياة سوى حقول نفط، وغاز، ونهر صناعي، صرفت عليه ملايين استقطعت من رواتب الموظفين، والكواسر والزواحف، وأشباح يروي عنها السكان قصصا تشابه الخيال، غابات نخيل أغلب تمره من نوع رديء، على ضفاف واحات متباعدة، وشجيرات زيتون، وكرموز، وتفاح، وأعناب، وصبَّار، أغلبها يسمونه { البعلي } أي ما ترويه الأمطار، تتخلل وديان يسودها الجفاف في الغالب، تحضنها سلسلة الجبل الأخضر شرقا، وجبال نفوسة { الجبل الغربي } من الغرب؛ وساحل الأبيض المتوسط الطويل، ساحل البرتقال، والأسماك، والنخيل، وموانئ التجارة والتصدير، وزوارق يموت على أمتانها المهاجرون، من شتى الأجناس، معهم تغرق أحلام وردية بعالم نظيف بعيد عن ظلم الديكتاتوريات

بعض ممن سبقني إلى هناك أشار علي بأن أهل الشرقية أكثر بساطة وتواضعا من الغربية الذين يغلب على مزاجهم الحدة، والنفور من الأجنبي، وإن كان لهم رسول علم؛ لكن سلاحا فاعلا حملته معي أنَّى ولَّيت وجهي، وجربته من قبلُ مع أخوتي الكرد في شمال العراق، إبان ثمانينيات قرن مضى، ذلك السلاح الذي اختصره صديق ليبي حميم، شيخ حكيم من بدو الجبل الغربي، حيث قُدِّر لي أن أحط الرحال، على جدار { مربوعته } شجرة أنساب تصله بأبي زيد الهلالي { وين اتحط روحك تلكاها } وهو الذي ألحَّ علي بأن أخطب الجمعة في مسجد الحي لولا أن أنقذني قول مأثور { لا يُفتى ومالك في المدينة } قاله إمام مذهب من مذاهب المسلمين، وبين أحبَّتي في الغرب كانت لي مواقف، ولهم معي مواقف تطول مع التفاصيل

العام الأول عام اختبار للأستاذ ثم يُجدَّد معه العقد بعد ذلك - حسب الحاجة لاختصاصه وكفاءته العلمية - كل عام، وذلك مرهون بما تبذله من جهود فيما بعهدتك من مواد، اختصاصك كانت، أم خارج الاختصاص لسد النقص، وما تُكلَّف به من بحوث تخرُّج تُشرف عليها، حتى تفي بما يُدفع لك بالعملة الصعبة، عليها يحسدك الزملاء ممن هم من مستواك العلمي من أهل البلاد، وطلبتك المتخرجون حاملو شهادة الليسانس، يعجزون عن جني دينار واحد في الشهر إذ يعملون أعواما بلا أجور، منتظرين التعيين، وبعض الدوائر تحجب عنهم الرواتب لأكثر من عام، وكم من معمل، أو مؤسسة حكومية تم إغلاقها وتسريح العاملين فيها دون مستحقات أو مكافآت نتيجة الإفلاس، ولم يُتابَع السارقون والمفسدون لأنهم في لجان ثورية بمثابة التنظيم الحزبي للنظام، بجانب فيلق من الأمن والمخابرات والحماية، والأمن في كل زاوية وزقاق، في الأسرة، والشارع، والمسجد، والمدرسة، والجامعة، هو الاستعباد بعينه، تلمسه بنفسك لمس اليد، ولا تفتح فمك؛ فتُلقى في النار

مساكين - كأخوتهم العراقيين - هم الليبيون، على بحيرات من النفط والغاز، وثروات أخرى يطوفون، وإمام المسلمين، ملك ملوك أفريقيا، ورئيس ما أسماها الولايات المتحدة الأفريقية؛ قائد الثورة الفذ، مع أولاده، ورعيل المنتفعين، يبددون ثروات الشعب على ملذاتهم، وأرصدة في الخارج، ومغريات للبطانة، قادة ما سماها اللجان الشعبية، والمؤتمرات، وأجهزة قمع سرية، وأحلامه البائسة إذ نصَّب نفسه داعية للإسلام يوزع ملايين الدولارات خصوصا في بلدان أفريقيا مستغلا حالة الفقر والتخلف لاستدراجهم لدخول الإسلام طامعين بالمال، وهناك من يهمس في أذنيك خائفا بأن أخاه او ابنه قد اختفى بعد خروجه يصلي الفجر، الشوارع تتقاذفها تلال الرمل من هنا وهناك، في مدن رئيسية، بلا مجاري أو تبليط، مستشفيات ومراكز صحية أفرغها المسؤولون والسماسرة المهربون مما يرُصد لها من أجهزة ودواء، وحين تزور دائرة لا تتفاجأ بأن { الأمين } في إجازة دون أن يُكلف من يخلفه في المسؤوليات، وذلك يمتد حتى أعلى منصب مثل الأمين العام، أي الوزير، اقتصاد مُهمَّش، وبطالة مقنعة، وفساد إداري ومالي، وأخلاقي مبرمج يوجهه أبناء القائد تحت شتى المسميات، منها إشرافهم على تجارة المخدرات مشتركين مع أبناء حسني مبارك في مصر، هكذا يردد الليبيون على خوف، والقوانين هي الأخرى حقول للتجريب، في كل المجالات، خيرة العقول العلمية في المنافي، حالهم مثل حالنا مهاجرون، وكم هي جميلة حلقات أقوال الأخ القائد التي تحتل التلفاز

الليبيون - كما خبرتهم لعَشرة خلت - كرماء جدا، وطيبون، خصوصا مع العراقيين، لا تبتئس وأنت على طريق عام، فثمة من يوقف سيارته ليحملك أينما تريد { مفيش إجميل } وليست مشكلة أن لا تجد فندقا فاطرق أي باب تنفتح لك القلوب، يعللون ذلك لعدة أسباب، إنسانية، تعاطفا ومراعاة لما كان عليه العراقيون من قهر وحصار اكتوى بناره الشعب لا غير، وعلمية تمخضت عما قدمه الأكاديميون من أمانة وحرص، وتأسيسهم لأقسام الدراسات العليا، بعكس ما هو شائع عن غيرهم من أساتذة عرب إذ يرددون : { سيبُه حمار عشان ابنك يُعار }، أي اتركهم متخلفين حتى تضمن فرصة عمل لابنك عندهم مستقبلا، أما ذوو الكفاءات الأخرى كالمهندسين والأطباء وغيرهم فقد كانت لهم مكانة عالية لما يقدمونه من عطاء راقٍ، وهناك بعض المعمرين من الليبيين يُرجعون أنسابهم إلى بطون عربية لها وجود بالعراق، أضف لذلك رابطة أخوة الدين، يرددها من على المنابر أئمة المساجد والدعاة

شعب طيب لا يستحق ما يواجهه به دكتاتور سفاح مجنون، تخيل أنه نبي، وصدق هذا الخيال، شعب تسحقه الدبابات وتحصد شيوخه والأطفال والنساء صواريخ الدمار، فدمرت بيوتا كانت مجالس للدين والسياسة والآداب، معاصر الزيتون، المناحل، بساتين النخيل والبرتقال، الأضاحي التي لا يُعفى منها غني أو فقير، وقدور الكسكسي بالفلفل الحار، الشعير وزيت الزيتون اللذان يطيلان في الأعمار، والله غالب على أمره مهما كان، ومهما جرى، الشاهي الذي يُغلى ويُطبخ كما اللحم، ثم يُعاد مع الرغوة الغلي إكراما للضيف، اللحم المُقدَّد بالملح والشمس، ومجموعة الشيبانيين، يفترشون الرمل في باب المسجد قبل الصلاة بساعتين، يلعبون بالحصى لُعبة تُنهيها تكبيرة الصلاة، ومنهم من { يتدهور } جيئة وذهابا يعدُّ خرزات مسبحة بعدد الأسماء الحسنى لله

هذا الوجه هو المشرق لشعب توزع بين الساحل، والجبال ووديانها، ومجاهل الصحراء، وفي كل بقعة نحتوا ذكريات صمود ومقارعة للاستعمار والطغيان، والوجه الكالح الآخر هم الفاسدون المنافقون، مَن لا يخلو منهم أرقى المجتمعات، المنتفعون الذين اختاروا الاصطفاف مع الشيطان، فوهات بنادق الباطل يوجهونها إلى نحور أخوة لهم في الوطن والدين، قتلا واغتصابا وتدميرا، فالسفاح ولي نعمتهم، إن ضاع ضاعوا، وإن على أشلاء الضحايا بقي فهم الفائزون

ألا أخزاك الله يامن ادعيت أنك للثورة قائدا، وإماما للمسلمين، فتبا لك من إمام سفاح، دنس شرائع الدنيا والدين، بئِست أفعالك، وما أشار عليك به أتباع ووعاظ مارقون، وقد أخزاك فعلا فهاهم الثوار المجاهدون صامدون؛ رغم ما واجهتَهم به من قسوة وجبروت، ورغم ما قدموا من تضحيات بأموالهم والدماء، يحررون المواقع والمدن من دنسك ورجسك، نحو الحفرة التي دسست رأسك فيها، زاحفين
فتحية للثوار - أن لستم وحدكم - من البيضاء، ودرنة، وطبرق والمرج، وبنغازي، وهون، ومصراتة، واجدابيا، وسرت، وطرابلس، والزاوية، والخمس، وتيجي، وقصر الأخيار، لأصدقائي وأخوتي وأبنائي في جامعة الجبل الغربي الصامدين، في غريان وككلة والقلعة ويفرن ونالوت وفي الزنتان، ودرج الواحة الحالمة في قلب الصحراء، للأمازيق الثائرين على طاغية عليهم حرَّم التحدث بلغتهم ولو بالهاتف؛ تحية لصمودكم منا، من كل الأخيار المناصرين للحرية والعدل والمساواة، للأحياء منكم، ولمواكب زففتموها من الشهداء

حزيران 2011

إيضاحات : كرموز : تين
المربوعة : قاعة الضيوف، وتكون معزولة عن باقي البيت
الكسكسي : صنف من الطعام تشتهر به منطقة الشمال الأفريقي
الشاهي : الشاي
الشيبانيين : كبار السن، مفردها شيباني
يتدهور : يتجول، للرياضة أو التنزه

















 
  عدد زواراليوم 217235 visitors (432765 hits) مرحبا بكم  
المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي موقع عصافير، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها
جميع الحقوق محفوظة لموقع عصافير
 
 
Bookmark and Share www.3safer.de.tl ,münchen, mandäer, irak 2010, صابئي , صيبي, مندائي, م, شعر عراقي, كاظم الساهر, حبو غزل, تعارف, طرب, افلام عربية, قصص, ابوذية, مسجات, ردح, اغاني, ص, ع, ا, ك, باجه, جاي و سمك مسكوف, دولمة, التكبر , التواضع , احبك, برازيليِ
Diese Webseite wurde kostenlos mit Homepage-Baukasten.de erstellt. Willst du auch eine eigene Webseite?
Gratis anmelden